قد حفظ التاريخ لنا ان من اعظم الكوارث التى أصابة أم الأسلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم هى خروج جحافل من التتار الذين أكتسحوا بلاد المسلمين كالطوفان يقتلع كل من وقف امامه….
والذى لا يعرفه الكثير انه السبب فى هذا تهور أحد سلاطين المسلمين الذى لم يستعمل الحكمة فى التعامل مع هذه الأمه التتاريه والذى سبب انهيار ممالك أسلامية قويه وسيل دماء المسلمين ؛
السلطان علاء الدين محمد بن تكش بن محمد الملقب بخوارزم شاه
يرجع أصل هذه الدولة إلى رجل اسمه محمد أنوشتكين كان رجلاً طموحاً ذا همة عالية فحظي عند السلطان سنجر ـ آخر سلاطين الدولة السلجوقية القويةـ فجعله والياً على منطقة سجستان فلقب من يومها بخوارزم شاه ومعناها بالعربية ملك خوارزم 'تقع الآن في جمهورية أوزبكستان الإسلامية' وقضى وقته في نشر العدل والكرم بين الناس حتى أحبوه ومات سنة 521هـ وخلفه ولده أتسز الذي فكر في الاستقلال عن السلاجقة ودخل في حروب طويلة مع السلطان سنجر السلجوقي واستعان إتسز بقبائل القراخطاي المغولية التركية والمعروفين في كتب التاريخ أمثال كتب ابن الأثير وابن كثير باسم 'الخطا' وهم وثنيون وبالفعل انتصروا على سنجر وأسروه خمس سنوات وغلبوا أتسز نفسه الذي دخل في طاعتهم خوفاً منهم وشعر بفداحة فعلته وندم أشد الندم على الاستعانة بالكفار على المسلمين ومات أتسز سنة 552 هـ فخلفه ولده أرسلان الذي في عهده انقرضت دولة السلاجقة تماماً ووسع هو مملكته ولكن أخاه تكش نازعه الملك واستولى عليه منه سنة 589هـ ودخل تكش في حروب طويلة مع جيرانه من الغوريين 'دولة مسلمة قوية لها أعظم الفضل في نشر الإسلام في الهند وباكستان وأفغانستان'. وكرر نفس غلطة أبيه واستعان بالقراخطاي على الغوريين ولكن شهاب الدين الغوري أعظم أبطال المسلمين كلهم تقريباً كسره كسرة فظيعة ومات تكش سنة 596هـ وخلفه ابنه علاء الدين محمد .
كان علاء الدين رجلاً طموحاً نشيطاً سريع الحركة الذي كان يهمه توسيع ملكه بأي وسيلة فعاد واستعان أيضاً بالقراخطاي الكفار واصطدم مع الغوريين وألحق بهم هزيمة منكرة أزالت دولتهم تقريباً واحتل عاصمتهم 'غزنة في أفغانستان حالياً' واتسعت أملاك علاء الدين جداً حتى أصبح هو السلطان على كل البلاد الممتدة من حدود الصين شرقاً إلى العراق غرباً.
رغم شجاعة علاء الدين وإيمانه بالإسلام وميله للعلم والعلماء وبناءه المدارس إلا أنه كان ميكافيلي الوسيلة فاستعان بالمرتزقة والنهابين وطلاب الدنيا وهؤلاء لا يعتمد عليهم إلا عند الرغبة أما عند الرهبة والغلبة فهم أول من يفر ويهرب, واتساع ملك علاء الدين جعله يقف على حدود دولة المغول الحديثة التي وحد رايتها جنكيز خان اللعين.
أدى اتساع أملاك علاء الدين إلى طمعه في أن يحل مكان سلاطين السلاجقة على منابر بغداد فطلب من الخليفة العباسي وقتها وهو الناصر بالله وكان على شاكلة علاء الدين في الطموح والهمة وأيضاً في التآمر والخداع والقسوة فرفض الناصر ذلك المطلب وكان لا يضيره لو وافق, ثم تمادى الناصر في ذلك فهجم بجيوشه على إقليم الجبال وهو من ضمن أملاك علاء الدين واحتله فأدى هذا لاندلاع ثورة علاء الدين وبدأ صراع طويل بين الرجلين.
استطاع علاء الدين استعادة ما فقده في إقليم الجبال وبدلاً من أن يصطلح مع الخليفة ويتفقا فيما بينهم خاصة أن خطر المغول بدأ يظهر في الأفق عندما أسقط جنكيز خان إمبراطورية الصين وهزم ملكها وان ين سيون سنة 611هـ واستولى على بكين وأرسل علاء الدين رسولاً من عنده يتأكد من ذلك وجاءه الرسول بحقيقة الأمر وقوة المغول, وبدلاً من أن يلتفت لهذا العدو الجديد, التفت للخليفة الناصر وأعد علاء الدين جيشاً جراراً وهدفه إزالة دولة بني العباس من الوجود واختار رجلاً علوياً من تبريز اسمه علاء الملك ونصبه خليفة وسار علاء الدين بنفسه إلى بغداد ولكن الله عز وجل أرسل عليه وعلى جيشه رياحاً شديدة وثلوجاً طوال أربعين ليلة مزقت جيشه فعاد خاسراً إلى بلاده وتغير عزمه عن فتح بغداد.
كان جنكيز خان يسمح بالحرية الدينية للمسلمين في البلاد التي فتحها من الصين وغيرها وفي سنة 615هـ أرسل جنكيز خان وفداً من ثلاثة تجار مسلمين بهدية كبيرة إلى علاء الدين ومعهم رسالة يقول فيها 'ولدنا الحبيب إلى قلوبنا' وهي عبارة معناها أن علاء الدين قد أصبح من أتباع جنكيز خان فأنف علاء الدين من ذلك وأخذته حمية الإسلام أن يكون تابعاً لهذا الكافر المشرك ولكنه أرسل مع التجار هدايا عظيمة استبشر بها جنكيز خان وظن أن علاء الدين قد صار من أتباعه واستمرت التجار تتردد بين البلدين آمنين مطمئنين.
في نفس السنة وقعت حادثة أدت بهذه الكارثة المروعة حيث سافر مجموعة من التجار التتر إلى مدينة 'أترار' من أملاك خوارزم وعلى هذه المدينة والياً كان من ألد أعداء جنكيز خان حيث كان من ملوك الصين القدامى الذين دمر ملكهم جنكيز خان فظن هذا الوالي الأحمق أن الفرصة قد جاءته للنيل من جنكيز خان فقبض عليهم وكانوا حوالي 400 رجل وأرسل إلى علاء الدين يقول له أن هؤلاء التجار جواسيس لجنكيز خان فأمر علاء الدين بقتلهم وأخذ أموالهم, فلما علم جنكيز خان بالأمر أرسل إلى علاء الدين يطلب منه تسليمه هذا الوالي المشئوم ليقتص منه طالما أن علاء الدين لم يعلم وهنا أقدم علاء الدين على فعلة شنعاء حمقاء حيث قتل الرسول وحلق لحى الباقي وعندها استشاط جنكيز خان غضباً وقرر مهاجمة علاء الدين.
لم يكتف علاء الدين بما فعله من حمق وتهور بل أقدم على عمل أشد حماقة حيث أعد جيوشه وقرر مهاجمة التتار في أرضهم وكان جنكيز خان قد جمع جيوشه وتوجه للقضاء على تمرد أحد ملوك الصين المتمردين فهجم علاء الدين على بلاد التتر ولم يكن بها سوى النساء والأطفال فأخذهم علاء الدين سبايا ولكن فرقة من التتار عادت إلى ديارهم فوجدوا نساءهم وعيالهم قد وقعوا أسارى في يد علاء الدين فأسرعوا حتى لحقوا علاء الدين ومن معه ودارت حرب طاحنة استمرت ثلاثة أيام ولم ينتصر علاء الدين على تلك الفرقة الوحيدة القليلة وعلم علاء الدين أن له يوماً ضروساً إذا تحرك عليه جنكيز خان فعاد علاء الدين مسرعاً إلى بلاده وأمر علاء الدين سكان مدن بخارى وسمرقند وغيرهما بالجلاء عنها أو تحصينها خوفاً من التتار.
